الرياض، سوق نيوز
– في خطوة استراتيجية تعزز مكانة المملكة العربية السعودية كقوة عالمية في مجال تحلية المياه والاستدامة البيئية، أعلنت الهيئة السعودية للمياه (SWCC) عن شراكة نوعية مع شركة “إب كربون” (Epcarbon) لإطلاق أول مشروع عالمي يهدف إلى إزالة الكربون من عمليات تحلية المياه وتحويل المحلول الملحي (الرجيع) إلى منتجات صناعية ذات قيمة عالية. يأتي هذا المشروع الرائد، الذي يبدأ تنفيذه في معهد ابتكار تقنيات المياه والأبحاث المتقدمة التابع للهيئة في الجبيل، ليؤكد التزام المملكة بتحقيق أهداف رؤية 2030 المتعلقة بالاستدامة البيئية والتنويع الاقتصادي والابتكار التقني.
لطالما شكل المحلول الملحي الناتج عن عمليات التحلية تحدياً بيئياً، حيث كان يُعتبر نفايات يتم التخلص منها. لكن الشراكة الجديدة تهدف إلى تغيير هذا الواقع جذرياً من خلال دمج نظام “إب كربون” الكهروكيميائي المبتكر في محطات التحلية التابعة للهيئة. وستمكن هذه التقنية الهيئة من إزالة حوالي 85 ميغا طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، مما يدعم هدف المملكة للوصول إلى صافي الانبعاثات الصفري. كما تساهم العملية في تعزيز الأمن المائي من خلال إعادة تدوير المحلول الملحي منخفض الملوحة لإنتاج مزيد من المياه العذبة، مما يعزز كفاءة المحطات ويدعم التوسع المتوقع في إنتاج المياه المحلاة بنسبة 10% بحلول عام 2030. وعلى صعيد التنويع الاقتصادي، يعمل النظام على تحويل المحلول الملحي إلى ثلاثة منتجات كيميائية قيّمة هي: الصودا الكاوية، وحمض الهيدروكلوريك، ومحلول ملحي منخفض الملوحة. أما بيئياً، فتساعد الصودا الكاوية الناتجة على تعزيز قلوية مياه البحر، مما يساهم في خفض مستويات حموضة المحيطات الناتجة عن تراكم الكربون، ويعود بالنفع على النظم البيئية البحرية في الخليج العربي.
تعد الهيئة السعودية للمياه أكبر مشغل للبنية التحتية لتحلية المياه في العالم، حيث تمثل المملكة حوالي 22% من إجمالي الطاقة الإنتاجية العالمية. هذا الموقع الريادي يمنح المشروع أهمية مضاعفة، حيث سيتم نشر التقنية الجديدة عبر شبكة التحلية المحلية، مما يرسخ مكانة المملكة كمصدر لحلول المناخ على مستوى المنطقة والعالم. وفي هذا الصدد، أكد طارق الغفاري، وكيل للأبحاث والتقنيات الواعدة في الهيئة السعودية للمياه، أن هذا المشروع “يؤكد على قدرة المملكة العربية السعودية في استثمار مكانتها كأكبر منتج للمياه المحلاة في العالم لتأسيس قطاعات جديدة بالكامل”. وأشار إلى أن تصنيع هذه التقنية محلياً سيخلق فرص عمل ويقلل الاعتماد على المواد الكيميائية المستوردة، مقدماً نموذجاً يحتذى به للدول ذات الموارد المائية المحدودة. من جانبه، وصف بين تاربيل، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة “إب كربون”، الشراكة بأنها “تحول نوعي في مجالي تحلية المياه وإزالة الكربون”، مؤكداً أن دمج تقنيات شركته مع البنية التحتية للهيئة يعكس قناعة بأن معالجة ندرة المياه وتغير المناخ هي “حلول متكاملة” وليست أولويات متعارضة. يُتوقع أن يسهم هذا التعاون في إزالة كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون على مدار السنوات العشر القادمة، مع تحسين كفاءة محطات التحلية، ليصبح بذلك مثالاً ملموساً على كيفية دمج الابتكار التقني مع الأهداف البيئية والاقتصادية الوطنية.








































