تقرير خاص – الرياض .سوق نيوز 23 نوفمبر 2025
تشهد السعودية طفرة غير مسبوقة في تبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي، لتتحول خلال عام 2025 إلى واحدة من أكثر الدول تقدمًا في بناء بنية تحتية رقمية متخصصة، يقودها القطاعان الحكومي والخاص ضمن مستهدفات رؤية 2030. تشير البيانات الحديثة إلى أن الشركات في المملكة تتجه بشكل متسارع نحو الاستثمار في حلول الذكاء الاصطناعي، وهو ما يعزّز مكانة المملكة كمركز إقليمي لاقتصاد المستقبل.
وتكشف نتائج استطلاع عالمي أجرته شركة SAP أن 81% من الشركات السعودية باتت تطبق حلول ذكاء اصطناعي مخصّصة لقطاعاتها، لتسجل السعودية أعلى معدل تبنٍّ في المنطقة، وتتفوق على متوسط تبنّي الشركات عالميًا الذي لم يتجاوز 72% . هذا المعدل المرتفع يعكس حجم التحول في بيئات الأعمال المحلية، مدفوعًا بسياسات الحكومة التي تشجع التحوّل الرقمي، إلى جانب تزايد الطلب من المؤسسات الكبيرة والمتوسطة على تقنيات تحليل البيانات والنماذج الذكية.
وفي الوقت نفسه، تلعب شركة HUMAIN — المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة — دورًا محوريًا في صناعة منظومة ذكاء اصطناعي وطنية تعتمد على مراكز بيانات فائقة القدرة ونماذج لغوية ضخمة موجهة للقطاعين العام والخاص. الشركة التي تتخذ من الرياض مقرًا لها تُعد اليوم واحدة من أبرز اللاعبين الإقليميين في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، وتشكل عمودًا رئيسيًا في سباق السعودية لبناء اقتصاد معرفي عالي التقنية .
وتأتي هذه التحولات في وقت يتوقع فيه وزير الاقتصاد السعودي تحقيق نمو في الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 5.1% في 2025، بدعم القطاعات غير النفطية التي تستفيد من التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي، إضافة إلى توسع الاستثمارات الحكومية في مشاريع البيانات والخدمات السحابية . هذا النمو يؤكد أن المملكة باتت تقترب من تحقيق هدفها في جعل التقنية والابتكار أحد أكبر روافد اقتصادها.
كما يشهد قطاع اللوجستيات داخل المملكة تحولًا جذريًا من خلال تبنّي أنظمة ذكاء اصطناعي لتحليل مسارات النقل، والتنبؤ بالطلب، وأتمتة سلاسل الإمداد. تقارير متخصصة تشير إلى أن القطاع توسّع بشكل سريع خلال 2025 بدعم البنية التقنية الجديدة، ما يعزز تنافسية المملكة كمحور عالمي للنقل والخدمات اللوجستية بين آسيا وأوروبا وأفريقيا .
وتنسجم هذه التطورات مع التوجه العالمي لزيادة الإنفاق على مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، حيث تكشف تقارير دولية عن اتجاه شركات عالمية كبرى، بينها شركات أمريكية، لتنفيذ مشاريع ضخمة في السعودية لبناء قدرات حوسبة عالية مدعومة بأحدث معالجات إنفيديا في إطار شراكات استراتيجية مع كيانات سعودية متخصصة .
وبينما تتوسع الشركات العالمية في إنشاء مراكز حوسبة داخل المملكة، ينعكس هذا التوجه بشكل مباشر على سوق العمل، إذ ترتفع الحاجة إلى مهارات تقنية جديدة تشمل تحليل البيانات وتطوير النماذج الذكية وإدارة البنية التحتية الرقمية. وباتت الجامعات السعودية تطرح برامج أكاديمية ترتبط مباشرة بعلوم البيانات والذكاء الاصطناعي، لتلبية حاجة السوق السريعة.
ويبدو واضحًا أن السوق السعودي يدخل مرحلة جديدة تعتمد على الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي كأحد أهم محرّكات النمو. ومع هذا التسارع، تصبح المملكة واحدة من أبرز المراكز العالمية الجاذبة للاستثمارات التقنية خلال السنوات المقبلة، خصوصًا مع وجود منظومة تشريعية واضحة، وتمويل حكومي ضخم، وسوق محلي ضخم يضم شركات تتسابق على تطبيق أحدث الحلول التقنية








































